في المستقبل القريب بحلول عام 2030 معظم البشر في مدن عملاقة. وسيشكل إمدادهم بالطاقة
تحديا يقترح العلماء التغلب عليه بشبكات كهرباء ذكية تستفيد بكفاءة من مصادر الطاقة المتجددة
وتخفف عبء أسعار الكهرباء عن المستهلك بواسطة العدادات الذكية.بحلول عام 2030 سيعيش
أربعة أخماس سكان الأرض في مدن عملاقة وسيشكّل إمدادهم بالطاقة تحدياً يقول العلماء إن
الممكن التغلب عليه من خلال شبكات كهرباء ذكية ومبرمجة حاسوبياً تستفيد الاستفادة الأمثل من
الطاقات المتجددة وتخفف عبء أسعار الطاقة عن المستهلك بما يسمى بالـ “العدّادات الذكية”.
أنظمة الطاقة المستقبلية بدأ تصميمها وإنتاجها بالفعل في مختبر الطاقة الذكية بإشراف الباحث
كريستوف فيتفَر في معهد فراونهوفر لأبحاث أنظمة الطاقة الشمسية في مدينة فرايبورغ جنوب
غرب ألمانيا. وفي مختبره، الذي لا يتجاوز حجمه حجم حافلة نقل ركاب، وضع كريستوف فيتفَر تصوراته
لشبكة المستقبل الذكية بما فيها من لوحات تحكم وأنظمة بطاريات ومحطة توليد صغيرة للطاقة.
فالهدف من أبحاثه ليس مجرد الحديث عن الشبكة الذكية المولِّدة للطاقة بل وتصميم هذه الشبكة
على شكل نظام اختبار مصغَّر أيضاً. ويقول كريستوف فيتفر في هذا الشأن: “تتركز أبحاثنا على الإجابة
عن السؤال التالي: كيف يمكن تحسين استهلاك الطاقة التحسين الأمثل وكيف يمكن توليد الطاقة
حرارياً وكهربائياً في شبكة الكهرباء المستقبلية التوليد الأكفأ؟”.
كل شخص سيولّد طاقته في بيته
يوجد في مختبر كريستوف فيتفر، مدير إدارة نظم الطاقة الذكية في معهد فراونهوفر، مستطيل
معدني وهو نموذج لتوليد الكهرباء والماء الساخن معاً في منزل المستقبل. ويقول كريستوف فيتفير إ
ن مثل هذا النموذج يمكن استخدامه في منازل المستقبل لتوليد الطاقة بشكل لا مركزي، بدلاً من
استخلاص الطاقة من محطات الطاقة الكبيرة المركزية.ووفق هذا النموذج يتم توليد الطاقة
عن طريق توربينات (عنفات) صغيرة للرياح أو ألواح صغيرة للخلايا الشمسية مثبتة على سطوح
المنازل، أو بواسطة مضخات حرارية في الطابق السفلي للمنزل باستخدام الغاز الحيوي أو الحطب
لإنتاج الكهرباء وتسخين الماء في آن واحد.
ويضيف: “في مولِّد الطاقة الذكي يوجد خزان للحرارة الفائضة عن توليد الكهرباء. وباستخدام هذه الحرارة
الفائضة يتم تسخين الماء”، وبالتالي تزيد كفاءة توليد الطاقة من خلال الاستفادة من الحرارة الفائضة
في تسخين المياه، التي تُستَخدَم في المنزل نفسه. ويمكن تعميم هذه التقنية لتأمين الطاقة على حيٍّ بأكمله.
شبكة الطاقة الذكية تساعد نفسها بنفسها
في شبكة الكهرباء الذكية المستخدِمة لمصادر الطاقة المتجددة، يكون الغاز الحيوي مناسباً جداً لأن
يُستخدَم أيضاً كمصدَر للطاقة الاحتياطية المغذية لشبكة الكهرباء حين يصيبها نقص في الكهرباء
المولَّدة من الرياح أو الشمس، وهذا ينطبق على شبكة الكهرباء الرئيسية العامة أيضاً التي تزوّد مدناً
بأكملها بالطاقة.ففي شبكة توليد الطاقة المستقبلية أو ما يسمى”بالشبكة الذكية” سيكون هناك
مصادر متنوعة للطاقة بمخازن ثابتة ومتنقلةوبأسعار متفاوتة للمستهلكين، والعامل الأهم لهذه
التقنية هو استقرار الشبكةكهربائياً بحيث لا يكون هناك زيادة أو نقصان في كهرباء الشبكة، وهو ما
قديؤدي إلى تقلبات خطيرة فيها. فمن المعروف أن مصادر الطاقة المتجددة، كالشمس والرياح، تكون
معتمدة على حالة الطقس اليومية والتي تكون عادةً متقلبة.
وبذا يكون بمقدور شبكة الطاقة الذكية مساعدة نفسها بنفسها، ويتم ذلك بواسطة تجهيزات إ
لكترونية مبرمجة بشكل أوتوماتيكي كامل، وبمقدورها الاستجابة والتدخل بشكل فوري ومتزامن، أي
في الزمن نفسه الذي يحدث فيه نقصان الكهرباء أو زيادتها في الشبكة، كما يذكر البروفيسور برونو
بورغَر، الباحث في مختبر الميغابايت وإلكترونيات التحكم بأنظمة توليد الطاقة في معهد فراونهوفر الألماني.
مخازن للطاقة وعدّادات ذكية
ومن الحلول المستقبلية للطاقة الفائضة في شبكة الكهرباء العامة الرئيسية، كما يقترح الخبير
كرييستوف فيتفر، هو تخزين الطاقة الزائدة والاستفادة منها عبر تغذيتها إلى مئات الآلاف من
بطاريات السيارات بشكل آلي، أو حتى عبر تحويلها إلى حرارة مخزنة في قضبان حرارية.
ويذكُر أن شبكة المستقبل الذكية تراعي أيضاً ميزانية المستهلكين من خلال ما يسمى بـ “العدّادات
الذكية”، إذ يمكن برمجتها بشكل معلوماتي محوْسب، بحيث تحدد الأوقات التي يكون فيها سعر
الكهرباء أرخص ما يمكن، ويتم حينها تشغيل الغسالات والأجهزة الأخرى في المنازل أوتوماتيكياً
وبشكل آلي. ولكن يجب حينها ضمان أن تكون شبكة المعلومات المتصلة بشبكة الطاقة الذكية
محصَّنة ضد القرصنة أيضاً للحفاظ على معلومات المستهلكين الشخصية. ولذلك فإن التخطيط لمثل
هذه المشاريع المستقبلية هو أكثر من مجرد التقدم العلمي في تقنيات الطاقة.
المصدرDW